الجمعة، 28 أكتوبر 2016

اليوم الدولى للقضاء على الفقر

اليوم الدولى للقضاء على الفقر  

يحيي العالم فى السابع عشر من اكتوبر باليوم الدولي للقضاء علي الفقر 2016 تحت شعار” الخروج من دائرة المهانة والإقصاء إلى أفق المشاركة: القضاء على الفقر بجميع مظاهره”.
ويسلط الاحتفال هذا العام علي ضرورة الأخذ بعين الإعتبار ما يعانيه الأشخاص الأكثر فقرا من إذلال وتهميش،إذ أن ما يهيمن على الحياة اليومية للأشخاص الذين يعيشون بالشوارع والأشخاص الأكثر فقرا هو الشعور بإستمرار بالإذلال.
ووفقا لمقاييس مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد لعام 2016، بلغ عدد الأشخاص المستبان حاليا أنهم فقراء 1.6مليار ويكشف هذا الرقم الهائل مستويات من الحرمان البشري تجاوز إلى حد بعيد كل ما يمكن أن تعبر عنه فئات الأجور المحددة إعتباطيا .
وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت القرار 47/196 في يناير عام 1992 ، يوم 17 أكتوبر يوما دوليا للقضاء على الفقر ودعت الدول إلى تخصيص ذلك اليوم للاضطلاع، حسب الاقتضاء على الصعيد الوطني، بأنشطة محددة في مجال القضاء على الفقر والعوز وللترويج لتلك الأنشطة.
يرجع تاريخ الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى يوم 17 أكتوبر من عام 1987، ففي ذلك اليوم اجتمع ما يزيد على 100ألف شخص تكريما لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.وقد أعلنوا أن الفقر يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وأكدوا الحاجة إلى التضافر بغية كفالة احترام تلك الحقوق وقد نقشت تلك الآراء على النصب التذكاري الذي رفع عنه الستار ذلك اليوم.
ومنذ ذلك اليوم ، يتجمع كل عام في 17 أكتوبر أفراد من شتى المشارب والمعتقدات والأصول الاجتماعية لإعلان التزامهم من جديد إزاء الفقراء والإعراب عن تضامنهم معهم   
وقد رفع الستار عن نماذج للنصب التذكاري في شتى أرجاء العالم، حيث تمثل تلك النماذج نقطة تجمع للاحتفال بذلك اليوم. وهناك واحد من تلك النماذج في حديقة مقر الأمم المتحدة وهو موقع الاحتفال السنوي بهذه الذكرى الذي تنظمه الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وذكر بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته أنه قد شارفنا على نهاية العام الأول من بداية تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وهذه الخطة بأهدافها 17هي عبارة عن رؤية عالمية لتحقيق السلام والرخاء والكرامة لجميع البشر فوق كوكب سليم، ولا يمكن تصور بلوغ هذا الهدف دون تحقيق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة ألا وهو القضاء على الفقر بجميع مظاهره   
وأضاف:هناك في الوقت الراهن زهاء بليون شخص ممن يعيشون في فقر مدقع وأكثر من 800 مليون آخرين يعانون ويلات الجوع وسوء التغذية، غير أن الفقر ليس يقاس بقلة الدخل فحسب، وإنما يتجلى في قلة الاستفادة من الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية، كما يتجلى في الأغلب الأعم في الحرمان من حقوق الإنسان الأساسية الأخرى أو انتهاكها.
وأشار مون إلي أن الفقر هو سبب للتهميش والإقصاء الاجتماعي ونتيجة لهما في آن معا، ولكي نفي بوعد خطة عام 2030 ألا يترك أي أحد خلف الركب، وإن علينا أن نتصدى للمهانة التي يتجرع كأسها الفقراء وللإقصاء الذي يتعرضون له، إن الشعور بالمهانة والإقصاء هو من العوامل القوية المسببة للقلاقل الاجتماعية بل إنه، في الحالات القصية سبب التطرف العنيف الذي يبتلي بقاعا عديدة من عالمنا، لكن الأشخاص الذين يعانون الفقر يواجهون هاتين الآفتين الاجتماعيتين في معظم الحالات، برباطة الجأش وهم يكدون من أجل إخراج أنفسهم من واقع الهوان الذي يعيشونه في حياتهم اليومية.  
لفت مون ، إلي أن من واجب الحكومات والمجتمعات قاطبة أن تتصدى لأوجه التفاوت الاجتماعي والاقتصادي وأن تيسر لجميع الأشخاص الذين يعانون الفقر فرصة العمل لكي يعينوا أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية على بناء مستقبل أكثر عدلا واستدامة ورخاء للجميع.
والشعار الذي اختير للاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر هذا العام هو الخروج من دائرة المهانة والإقصاء إلى أفق المشاركة: القضاء على الفقر بجميع مظاهره.
ويجب علينا أن نحطم جدران الفقر والإقصاء التي تطوق حياة العديد من الأشخاص في كل منطقة من مناطق العالم.
ودعا مون ، إلى “أن نبني مجتمعات تحتضن الجميع وتشجع مشاركة الجميع. وعلينا أن نكفل الإصغاء لأصوات كل من يقاسي الفقر. فلنعمل ونحن نحتفل باليوم الدولي للقضاء على الفقر على الإصغاء لأصوات الفقراء والاهتمام بمطالبهم.  
ولنلتزم باحترام حقوق الإنسان المفروضة للبشر كافة وبالذب عنها وإنهاء المهانة والإقصاء الاجتماعي اللذين يقاسيهما الفقراء كل يوم بإشراكهم في الجهود العالمية من أجل القضاء على الفقر المدقع قضاء مبرما”.
وقال مون:”لقد أكدت الأمم المتحدة من خلال أهداف التنمية المستدامة والتي تسعى إلى وضع حد لجميع أشكال الفقر : بأن الفقر ليس ناجما عن عدم وجود عامل واحد ولكن عن تراكم العديد من العوامل المترابطة في ما بينها و التي تؤثر على حياة الإنسان.
ويعد الهدف المتمثل في القضاء على الفقر بأشكاله كافة في كل أنحاء العالم بحلول عام 2030، هدفا ولكنه طموح ممكن التحقيق – مع العلم بأن السبيل إلى النجاح يقوم على التصميم السياسي الذي تحدوه معرفة راسخة بأسباب الفقر وآلياته وتبعاته ، كما تتوقف إمكانية التوصل إلى القضاء على الفقر قضاء سريعا مستداما على قدرتنا على العمل القائم على التعاون، وهذا يعني أن علينا ان نتجاوز تعريف الفقر بمجرد غياب الدخل لضمان الحد الادنى من الرفاهية المادية مثل الغذاء والمسكن، وغيرها إلى مفهوم يشمل الفقر فى أبعاده المتعددة”.  
أظهرت بيانات البنك الدولي لعام 2016 ، انخفاض نسبة سكان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع إلى مستوى تاريخي بنسبة 9.6% عام 2015، مقابل 37.1% عام 1990. فقد أظهرت التقديرات أن 702 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر العالمي المحدد في 1.90 دولار يوميا، وأن أغلبهم يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا.
ففي العام 2015 قام البنك الدولي بعد أكثر من 6 سنوات بتحديث خط الفقر العالمي ليصبح 1.9 دولار بزيادة 65 سنتا عما كان عليه في 2008، وأن هذه الأرقام يفترض أنها روجعت وحدثت في أبريل الماضي من العام الجاري لتتوافق مع تطور الفروق في تكلفة المعيشة حول العالم.
والتعديل الأخير ساهم في انضمام نحو 148 مليون شخص إلى قائمة المعدمين السابقين والبالغ عددهم 836 مليونا ليصبح عددهم الإجمالي نحو 984 مليونا وفق الحسابات البسيطة رغم أن البنك كشف في تقريره الأخير انخفاض عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر الجديد لأول مرة دون 10% من سكان العالم، ليصل إلى 702 مليون شخص لعوامل عدة ليس لاستراتيجيات البنك دور فيها، مثل تحسن اقتصاد دول عدة كالصين والهند وغيرها.  
ويؤكد تقرير مكافحة الفقر وتعزيز الرخاء المشترك في عام 2016: معالجة عدم المساواة، الصادر عن البنك الدولي أن الفقر المدقع على مستوى العالم يواصل التراجع على الرغم من حالة السبات العميق التي دخل فيها الاقتصاد العالمي. ولكن الدراسة تحذر من أنه على الرغم من اتجاهات النمو المتوقعة فإن خفض معدلات عدم المساواة المرتفعة قد يشكل مكونا ضروريا للوصول إلى الهدف العالمي الرامي إلى إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030.  
ومن خلال دراسة مجموعة من البلدان من بينها البرازيل وكمبوديا، ومالي، وبيرو، وتنزانيا التي خفضت مستويات عدم المساواة بصورة كبيرة على مدار السنوات الأخيرة ومن خلال تناول مجموعة واسعة من الأدلة المتاحة، حدد باحثو البنك الاستراتيجيات 6 التالية عالية الأثر: وهي سياسات مجربة في مجال بناء إيرادات الفقراء، وتحسين فرص حصولهم على الخدمات الأساسية، وتحسين آفاق التنمية الطويلة الأجل لهم، دون الإضرار بالنمو.  
وحتى نتمكن من فهم الفقر بجميع جوانبه وأبعاده يجب على صناع القرارات السياسية الحرص على إظهار كل الجوانب غير المادية التي يتعرض إليها الأشخاص الأكثر فقرا من سوء المعاملة والتي تشمل : العار والاذلال والتهميش والتي غلبا ما تؤثر سلبيا على مشاركة الفرد في الحياة الإجتماعية وعلى كرامتهم الإجتماعية.
كما يجب علينا إعادة النظر وتحسين جمع البيانات، ومؤشرات الفقر، لان التمكن من قياس وفهم الفقر باسلوب متعدد الابعاد يساعد على فهم جيد لظاهرة الفقر و بالتالي السماح بوضع استراتيجيات اكثر مرونة وفعالية لتجاوز الفقر بكل اشكاله.  

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2013 عصام
تصميم : يعقوب رضا