عن حقوق الجار
الجار "الجار للجار وحتى لو جار" مثل شعبي شائع يُبيّن أهمية الجار، وما يُمثّله في الثقافة العربية والإسلامية، والّتي تمتلئ بالقصص والأمثلة الحيّة التي تبين محبة الجيران لبعضهم البعض. الجار هو من يساعدك عندما تحتاج إلى العون، وهو من يُسعفك عند مرضك؛ فالوصية بحسن الجوار من أهمّ الأمور التي حثّ عليها الإسلام. حق الجار قال - صلى الله عليه وسلم- ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سوف يورثه)، وذلك لعظم حقه، ويكون الإحسان للجار بطرق مختلفة: ردّ السلام. إجابة الدعوة . كف الأذى عنه . تحمّل الأذى الذي يصدر من بعض الجيران . ستره وصيانة عرضه. تهنئته عند فرحه. تعزيته عند الوفاة . إذا اشترى الفاكهة أن يهديه منها. احترام الخصوصيات. قبول الأعذار بالمسامحة والرفق واللين. النصح برفق و لين. الستر وترك التعيير. الزيارة في الأوقات المناسبة. المجاملة اللطيفة. مراتب الجيران جاء في حدّ الجوار أنه يطلق عليه جار الملاصق للدار، وحتى يصل إلى أربعين بيتاً ملاصقاً لبيتك، وللجار مراتب ثلاث: جار له حق واحد: وهو المشرك له حق الجوار. وجار له حقان: وهو الجار المسلم له حق الجوار، وحقّ الإسلام. وجار له ثلاثة حقوق: وهو الجار المسلم له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القربى. أمّا عن الجار غير المسلم فله أيضاً من الحقوق ما للجار المسلم من حقوق ما دام لا يعمل على أذيته، والتخطيط ليكيد له. قصص السلف (كان لأبي حنيفة جار سكير يسكر في كل ليلة، ويبدأ بالرّقص والغناء، ويزعج أبا حنيفة في خلوته مع ربّه، وكان إذا سكر يغني ويقول "أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر"، وفي يوم من الأيّام لم يسمع أبو حنيفة صوت الغناء والرقص، فسأل عن جاره فأجابوه أنّه أخذه العسعس: وهي الشرطة الليلية، وهو محبوس في المخفر، فصلّى أَبُو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلته، واستأذن على الأمير، قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا بِهِ راكباً، ولا تَدَعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل، فلم يزل الأمير يوسّع له من مجلسه، وقال: ما حاجتك؟ قَالَ: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ليال، يأمرالأمير بتخليته، فقال: نعم، وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هَذَا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أَبُو حنيفة والإسكاف يمشي وراءه، فَلَمَّا نزل أَبُو حنيفة مضى إِلَيْهِ، فقال: يا فتى، أضعناك؟ فقال لا، بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيراً عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلى السكّر والخمر من يومه هذا.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق